قرار البنك المركزي المصري في أبريل 2025: تداعيات خفض الفائدة على التضخم والنمو الاقتصادي المحلي


في خطوة هي الأولى منذ أكثر من أربع سنوات، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها المنعقد مساء الخميس 17 أبريل 2025، خفض أسعار الفائدة الأساسية بواقع 225 نقطة أساس، ليصل سعر عائد الإيداع لليلة واحدة إلى 25%، والإقراض إلى 26%، وسعر العملية الرئيسية للبنك إلى 25.5%، وخفض سعر الائتمان والخصم بواقع 225 نقطة أساس إلى 25.5%.

القرار يأتي بعد استقرار مؤشرات التضخم

جاء قرار خفض الفائدة بعد سلسلة من الزيادات المتتالية، إذ كان آخر خفض قد جرى في نوفمبر 2020. ومن مارس 2022 حتى مارس 2024، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنحو 1900 نقطة أساس، ثم ثبتها خلال سبعة اجتماعات متتالية في عام 2024.

ووفقًا لبيان البنك المركزي، بدأت مؤشرات التضخم في الانحسار بشكل ملحوظ خلال الربع الأول من عام 2025، حيث تراجع معدل التضخم السنوي العام في الحضر من ذروته البالغة 38% في سبتمبر 2023 إلى 13.6% في مارس 2025. كما انخفض معدل التضخم الأساسي السنوي - الذي يستبعد السلع ذات الأسعار المتقلبة مثل الغذاء والطاقة - إلى 9.4%، وهو أدنى مستوى يُسجله منذ نحو ثلاث سنوات. ويُعزى هذا الانخفاض بشكل رئيسي إلى تأثير سنة الأساس وتراجع حدة الصدمات السعرية السابقة، ما أتاح المجال لبدء دورة التيسير النقدي.

خلفية اقتصادية داعمة للقرار

كما أوضح البنك المركزي أن الأداء الشهري للتضخم منذ بداية العام بدأ يقترب من نمطه التاريخي، مما يعكس تحسنًا في التوقعات. كما أشار إلى أن النمو الاقتصادي يتعافى للربع الرابع على التوالي، حيث تجاوز معدل النمو في الربع الأول من 2025 نسبة 4.3% المسجلة في الربع الرابع من 2024، بدعم من التصنيع غير البترولي والتجارة والسياحة.

ورغم هذا التحسن، فإن البنك أشار إلى أن الناتج المحلي لا يزال دون طاقته القصوى، ما يحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب، ويعزز المسار النزولي للتضخم على المدى القصير، إلا أن توقعات المركزي تشير إلى بلوغه هذه الطاقة بحلول نهاية السنة المالية 2025-2026.

وفي بيانه، برر البنك المركزي قراره بأنه "مناسب للحفاظ على سياسة نقدية ملائمة تهدف إلى ترسيخ التوقعات ودعم المسار النزولي المتوقع للتضخم"، رغم التحذير من استمرار المخاطر الصعودية نتيجة حالة عدم اليقين العالمي، والتصعيد في التوترات الجيوسياسية والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

انعكاسات القرار على الاقتصاد المصري

خفض كلفة الدين العام

على المستوى المحلي، يحمل قرار خفض الفائدة فوائد مباشرة على المالية العامة للدولة، إذ تشير التقديرات إلى أن كل نقطة مئوية واحدة في أسعار الفائدة تكلف الموازنة المصرية بين 75 و80 مليار جنيه سنويًا، ما يعني أن الخفض الأخير للفائدة سيوفر نحو 175 مليار جنيه في تكلفة الدين، بحسب بلومبرج.

وتأتي هذه الخطوة في ظل ضغوط مالية متزايدة، من بينها ارتفاع أسعار الطاقة محليًا، حيث رفعت الحكومة أسعار البنزين والسولار مؤخرًا للمرة الثانية خلال ستة أشهر، في محاولة لتقليص عجز الموازنة وتحقيق وفر قدره 35 مليار جنيه.

الجنيه المصري: ما بعد التعويم وخفض الفائدة

من المرجح أن يكون لسعر الصرف النصيب الأكبر من تأثيرات هذا القرار. فبعد التخفيض الكبير لقيمة الجنيه في مارس 2024، الذي تزامن مع اتفاق قرض جديد مع صندوق النقد الدولي ورفع الفائدة بواقع 600 نقطة أساس في مارس، أصبح الجنيه أكثر عرضة للتقلبات، خصوصًا مع اقتراب متوسط سعر الصرف الرسمي للدولار من 51.16 جنيه للشراء و51.16 جنيه للبيع في أبريل 2025، بحسب بيانات البنك المركزي.

ورغم تراجع التضخم، لا تزال الفائدة الحقيقية (الفرق بين الفائدة الاسمية والتضخم) إيجابية وتبلغ نحو 11.75%، فإن استمرار التيسير النقدي دون إصلاحات موازية في سوق الصرف والقطاع المالي قد ينعكس سلبًا على قيمة الجنيه، خاصة في ظل استمرار حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.

في المقابل، يواجه الجنيه المصري تحديًا في الحفاظ على استقراره، إذ أن خفض الفائدة قد يقلّص جاذبية أدوات الدين المحلي أمام الأجانب، ما يفرض ضغطًا إضافيًا على سوق الصرف. وإذا لم تقترن السياسة النقدية التوسعية بتعزيز الاحتياطي النقدي وتحقيق نمو قوي في الصادرات وتحويلات العاملين، فقد تتعرض العملة المحلية لموجات تذبذب جديدة خلال النصف الثاني من العام.

سوق الأسهم: خفض الفائدة قد يدفع مؤشر EGX30 لاختبار قمة تاريخية

أثار قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بمقدار 2.25% لأول مرة منذ عام 2020 موجة من التفاؤل في سوق المال، إذ يُنظر إليه كعامل داعم لأداء البورصة على المدى القصير والمتوسط. ويرى خبراء السوق أن هذا الخفض يعزز من انتقال رؤوس الأموال من أدوات الدخل الثابت ذات العوائد المرتفعة نسبيًا والمخاطر المحدودة، نحو الأصول الأعلى مخاطرة، وعلى رأسها الأسهم.

وقد تفاعل المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية EGX30 بشكل إيجابي مع القرار، وأغلق جلسة الخميس مرتفعًا بنسبة 0.1% عند مستوى 31062 نقطة. وتشير توقعات المحللين إلى إمكانية مواصلة الصعود لاختبار مستوى 34489 نقطة، وهو أعلى مستوى تاريخي سجّله المؤشر في الربع الأول من العام الماضي، إذا استمر الزخم الشرائي والمؤسسي في السوق.

أسعار الذهب مرشحة للصعود بعد خفض الفائدة

في أعقاب قرار خفض الفائدة، شهدت أسعار الذهب في مصر استقرارًا نسبيًا مع ارتفاع طفيف في أسعار بعض الأعيرة مثل عيار 21، حيث بلغ سعر الجرام حوالي 4770 جنيهًا. ورغم أن الأسعار العالمية للذهب شهدت تراجعًا بنسبة 0.5% إلى 3326.51 دولار بعد أن حققت قمة تاريخية عند 3327 دولار للأونصة، فإن الطلب المحلي على الذهب قد شهد زيادة ملحوظة نتيجة تراجع جاذبية أدوات الدخل الثابت وانخفاض العوائد على الودائع.

من جهة أخرى، من المتوقع أن يؤدي خفض الفائدة إلى زيادة الطلب على الذهب في السوق المحلي، حيث يلجأ المستثمرون والمدخرون إلى الذهب كبديل آمن لحفظ القيمة، ما قد يرفع أسعاره في الفترة المقبلة. كما أن هناك احتمالًا لزيادة أسعار الذهب في مصر إذا شهد الجنيه المصري تراجعًا مقابل الدولار، وهو ما سيؤثر تلقائيًا على السعر المحلي للذهب، نظرًا لأن تسعير المعدن الأصفر يتم عادة بالدولار.

هل يستمر التيسير النقدي؟

بالنظر إلى التقديرات الرسمية، من المتوقع أن يتباطأ معدل انخفاض التضخم خلال النصف الثاني من 2025، ما قد يدفع المركزي إلى نهج تدريجي حذر في خفض الفائدة خلال الاجتماعات القادمة. لا سيما وأن المركزي المصري سبق وأن مدد أفق تحقيق معدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من 2026 عند 7% (± 2%)، و5% (± 2%) في نهاية 2028.

التحديات تفرض نهجًا حذرًا

رغم القرار الجريء، لا يزال المركزي المصري يرى أن مخاطر التضخم قائمة، خاصة في ظل الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، والرسوم الجمركية الأمريكية الأخيرة التي شملت مصر بحد أدنى 10%، فضلاً عن التقلبات الجيوسياسية في المنطقة وارتفاع أسعار الطاقة.

ومن شأن هذا القرار أن يدعم النشاط الاقتصادي ويقلل عبء الدين العام، لكنه قد يفرض ضغوطًا على الجنيه المصري ما لم يجري تعزيز الإصلاحات المالية، والحفاظ على تدفقات الاستثمار الأجنبي.

 

مشاركة: أخبار

إخلاء المسؤولية: تحتوي المعلومات الواردة في هذه الصفحات على بيانات تطلعية تنطوي على مخاطر وشكوك. إن الأسواق والأدوات المذكورة في هذه الصفحة هي لأغراض إعلامية فقط ولا يجب أن تظهر بأي شكل من الأشكال كتوصية لشراء أو بيع هذه الأوراق المالية. يجب عليك القيام بأبحاثك الخاصة قبل اتخاذ أي قرارات الاستثمار. لا تضمن FXStreet بأي حال من الأحوال أن تكون هذه المعلومات خالية من الأخطاء أو والمغالطات أو الأخطاء المادية. كما لا يضمن أن هذه المعلومات ذات طبيعة مناسبة. الاستثمار في الفوركس ينطوي على قدر كبير من المخاطر ، بما في ذلك فقدان كل أو جزء من الاستثمار الخاص بك ، فضلا عن التوترات. تقع على عاتقك جميع المخاطر والخسائر والتكاليف المرتبطة بالاستثمار، بما في ذلك الخسارة الإجمالية لرأس المال.

آخر الأخبار


آخر الأخبار

اختيارات المحررين‎

توقعات أسعار الذهب: زوج الذهب/الدولار XAU/USD: يحتفظ بالمكاسب قبل الأحداث الرئيسية

توقعات أسعار الذهب: زوج الذهب/الدولار XAU/USD: يحتفظ بالمكاسب قبل الأحداث الرئيسية

انخفض الدولار الأمريكي في الجلسة الأمريكية بعد صدور بيانات أمريكية مخيبة للآمال. ستصدر الولايات المتحدة التقدير الأولي للناتج المحلي الإجمالي للربع الأول يوم الأربعاء. يعتبر زوج الذهب/الدولار XAU/USD محايدًا من الناحية الفنية على المدى القريب، على الرغم من أن الاحتمالات تميل نحو الاتجاه الصعودي.

المزيد من تحليلات الذهب
توقعات سعر البيتكوين: يستهدف 100000 دولار وسط خطط احتياطي أريزونا والطلب المؤسسي وتدفقات صناديق الاستثمار المتداولة

توقعات سعر البيتكوين: يستهدف 100000 دولار وسط خطط احتياطي أريزونا والطلب المؤسسي وتدفقات صناديق الاستثمار المتداولة

استقر سعر البيتكوين قرب مستوى 95000 دولار يوم الثلاثاء؛ واختراقه قد يشير إلى ارتفاع نحو 100000 دولار. سجلت صناديق البيتكوين الفورية في الولايات المتحدة تدفقًا قدره 591.29 مليون دولار يوم الاثنين، مستمرة في التدفقات منذ 17 أبريل.

المزيد من تحليلات العملات المشفرة
الفوركس اليوم: صمود الدولار الأمريكي بعد تقلبات يوم الاثنين

الفوركس اليوم: صمود الدولار الأمريكي بعد تقلبات يوم الاثنين

يظل الدولار الأمريكي USD مرنًا في مقابل نظرائه في وقت مبكر من يوم الثلاثاء بعد أن واجه صعوبة في العثور على طلب يوم الاثنين. سوف تتضمن الأجندة الاقتصادية الأوروبية بيانات معنويات الأعمال ومعنويات المستهلك لشهر أبريل/نيسان. في وقت لاحق من اليوم، سوف يتم مراقبة بيانات الميزان التجاري للسلع وبيانات فرص العمل JOLTS لشهر مارس/آذار من الولايات المتحدة.

المزيد من أخبار الفوركس
اكتشف مستويات التداول الرئيسية باستخدام مؤشر الملتقيات الفنية

اكتشف مستويات التداول الرئيسية باستخدام مؤشر الملتقيات الفنية

حسّن نقاط الدخول والخروج مع هذا أيضًا. يكتشف من الاختناقات في العديد من المؤشرات الفنية مثل المتوسطات المتحركة أو فيبوناتشي أو نقاط بيفوت ويسلط الضوء عليها لاستخدامها كأساس لاستراتيجيات متعددة.

مؤشر الملتقيات الفنية
تابع السوق باستخدام الرسم البياني التفاعلي من FXStreet

تابع السوق باستخدام الرسم البياني التفاعلي من FXStreet

كن ذكيًا واستخدم الشارت التفاعلي الذي يحتوي على أكثر من 1500 أصل، ومعدلات بين البنوك، وبيانات تاريخية شاملة. يعد أداة احترافية ينبغي استخدامها على الإنترنت لتوفر لك نظامًا أساسيًا متطورًا في الوقت الفعلي قابل للتخصيص بالكامل ومجانيًا.

معلومات أكثر

أزواج العملات الرئيسية

المؤشرات الاقتصادية

تحليلات