مصر: بشائر وقف إطلاق النار في غزة.. ارتفاع السندات الدولارية، وتوقعات بانتعاش السياحة وقناة السويس
|مع التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة قطرية وأمريكية، بدأت تظهر بوادر أمل جديدة في تهدئة التوترات التي أثرت بشكل كبير على اقتصادات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. الاتفاق - الذي يتضمن عدة مراحل تشمل تبادل الأسرى، وانسحابًا تدريجيًا للقوات الإسرائيلية من غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية - يفتح الباب أمام تحولات اقتصادية إيجابية في المنطقة.
التأثير الاقتصادي على مصر
أوضح الدكتور رمزي الجرم، الخبير الاقتصادي والمصرفي، أن وقف إطلاق النار في غزة سيعزز بشكل كبير من مكانة مصر الاقتصادية. وأشار إلى أن التوقف عن الأعمال العدائية سيسهم في تحفيز التجارة عبر معبر رفح، مما يفتح فرصًا جديدة للشركات المصرية، خاصة في قطاع إعادة الإعمار. كما أكد على أهمية التخطيط الاقتصادي الاستراتيجي لموازنة الفرص الجديدة مع التحديات المحتملة، مثل إدارة تدفقات المساعدات الإنسانية المتزايدة عبر مصر.
ومن بين التأثيرات الأكثر أهمية، يعد إحياء حركة التجارة البحرية عبر قناة السويس أحد العوامل البارزة، التي تأثرت بشدة بسبب النزاع الإقليمي. ووفقًا للدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، فإن وقف الهجمات في المنطقة من شأنه أن يعيد عمليات قناة السويس إلى مستوياتها الطبيعية. وأضاف: "قبل الصراع، كان من المتوقع أن تتجاوز الإيرادات 10 مليارات دولار، لكن الخسائر الأخيرة بسبب التوترات الإقليمية أدت إلى تراجع حاد في هذه الإيرادات." ومع تهدئة الوضع في غزة، من المتوقع أن تعود عائدات قناة السويس إلى الاستقرار، مما يعزز الوضع المالي لمصر.
كما أشار الدكتور أشرف غراب إلى أن وقف إطلاق النار سيكون له تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد المصري والمنطقة ككل، حيث أن الحرب المستمرة لأكثر من عام وتوسّعها إلى لبنان وإيران قد سببت توترات جيوسياسية وأثرت سلبًا على حركة التجارة، مما أدى إلى تراجع إيرادات قناة السويس بمقدار 7 مليارات دولار في 2024. كما ساهم ارتفاع أسعار النفط والغاز في زيادة تكاليف الشحن والنقل، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية وزيادة التضخم.
انتعاش السياحة والاستثمارات
من المتوقع أيضًا أن يوفر وقف إطلاق النار دفعة قوية لقطاع السياحة في مصر. فقد تجاوز عدد السياح في مصر 15 مليون سائح في 2024، مع عائدات تزيد عن 14 مليار دولار. ويتوقع الدكتور غراب أن يشهد موسم الشتاء المقبل زيادة غير مسبوقة في السياحة، خاصة إلى وجهات شهيرة مثل شرم الشيخ والغردقة. هذه الحركة السياحية المتجددة من شأنها تعزيز احتياطيات مصر من النقد الأجنبي بشكل كبير.
إضافة إلى ذلك، فإن الاستقرار السياسي في المنطقة سيؤثر بشكل إيجابي على مناخ الاستثمار في مصر. وأشار الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إلى أن الحل السياسي في غزة يمنح مصر فرصة للتركيز على مشاريع الطاقة الإقليمية. وقال: "التطورات الحالية ستجعل مصر مركزًا رئيسيًا للطاقة في المنطقة." كما أن الاستقرار سيفتح المجال لزيادة الاستثمارات الأجنبية، خاصة في مشاريع البنية التحتية وقطاع الطاقة.
الديون والسندات الدولية
بدأت الآثار الإيجابية للاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة تظهر بوضوح على الاقتصاد المصري، خاصة في قطاع السندات. فقد شهدت السندات المصرية المقوّمة بالدولار قفزة ملحوظة في قيمتها، محققة عائدًا إجماليًا بنسبة 2.2% هذا العام حتى يوم الجمعة الماضية.
في هذا السياق، تتوقع الحكومة المصرية إصدار سندات دولية جديدة بقيمة 3 مليارات دولار قبل نهاية السنة المالية في يونيو 2025، مما سيساهم في تعزيز قدرة البلاد المالية في مواجهة احتياجات التمويل الخارجي. ومن المتوقع أن يتم تمويل هذا الإصدار عبر مجموعة متنوعة من الأدوات المالية، بما في ذلك الصكوك والسندات الخضراء. وتعتمد النظرة المستقبلية للسندات الدولارية المصرية على التطورات الجيوسياسية واحتياجات التمويل، حيث يتعين على مصر تسديد سندات بقيمة 1.5 مليار دولار في يونيو و750 مليون دولار في أكتوبر المقبل.
من جهة أخرى، شهدت سوق الدين المحلي تدفقًا قويًا للاستثمارات الأجنبية، حيث اشترى الأجانب ما قيمته حوالي 1.9 مليار دولار. وكان التدفق الأكبر من المستثمرين الأجانب، حيث سجلوا صافي شراء بلغ نحو 1.75 مليار دولار، مما يعكس ثقة المستثمرين في استقرار الوضع الاقتصادي في مصر بعد فترة من التوترات.
تعكس هذه التطورات المالية تفاؤلاً ملحوظًا في السوق المصري، حيث تترقب الحكومة والمؤسسات المالية بداية مرحلة جديدة من الاستقرار الاقتصادي في ظل الظروف الجيوسياسية الإيجابية التي تلت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
ومن شأن نجاح عروض السندات المصرية أن يخفف بعض الضغوط المالية، خاصة في ظل جهود البلاد للتعامل مع العجز المالي. ومع ذلك، حذر خبراء مثل محمد أنيس من الإفراط في إصدار الديون، مشيرًا إلى ضرورة توخي الحذر نظرًا لاستمرار ارتفاع أسعار الفائدة العالمية. وقال أنيس: "من المهم أن توازن مصر بعناية بين توسيع الديون والحفاظ على استدامة الاقتصاد."
وأشارت وكالة موديز للتصنيف الائتماني إلى أن استقرار الوضع الجيوسياسي في المنطقة قد يسهم في تحسين البيئة الائتمانية لدول مثل مصر، مما يعزز من قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية في المستقبل. هذا التحسن في بيئة الاستثمار قد يعيد الثقة في الاقتصاد المصري ويزيد من جاذبيته للسندات الدولية.
وكانت السندات المصرية أكثر استقرارًا مقارنة مع سندات دول أخرى مثل الأردن وإسرائيل، مما يعكس الثقة المتزايدة في الاقتصاد المصري. وحققت السندات الدولارية ارتفاعًا إلى 75 سنتًا مقابل 58 سنتًا قبل بدء الحرب في غزة في 2023.
اقرأ أيضًا: توقعات الاقتصاد المصري: صندوق النقد والبنك الدولي يخفضان توقعاتهما للنمو مع تباين رؤية موديز لعام 2025
التأثيرات الإقليمية غير المباشرة
لا تقتصر آثار الانتعاش الاقتصادي على مصر فقط، بل يتوقع أن تستفيد دول أخرى في الشرق الأوسط مثل لبنان والأردن من تخفيف حدة التوترات. ففي لبنان، على سبيل المثال، بدأ الفراغ السياسي في التلاشي مع انتخاب رئيس جديد، جوزيف عون، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة نواف سلام. هذا الحل السلمي يوفر فرصة للبنان لمعالجة أزمته الاقتصادية الحادة، ومن المتوقع أن يتدفق الدعم الدولي بحرية أكبر في الأشهر المقبلة.
اقرأ أيضًا: سندات لبنان الدولارية تواصل ارتفاعها بعد انتخاب جوزيف عون رئيسًا للبلاد
ختامًا، يمثل وقف إطلاق النار في غزة نقطة تحول مهمة في المشهد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط. وبينما لا تزال هناك تحديات، مثل إدارة المساعدات الإنسانية وضمان الاستقرار السياسي المستدام، يعد هذا الاتفاق خطوة أساسية نحو الرخاء الإقليمي على المدى الطويل. بالنسبة لمصر، فإن استئناف التجارة والسياحة والاستثمارات الأجنبية يوفر فرصة حيوية للانتعاش والنمو، مما يجعل عام 2025 عامًا حاسمًا في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
تحتوي المعلومات الواردة في هذه الصفحات على بيانات تطلعية تنطوي على مخاطر وشكوك. الأسواق والأدوات الواردة في هذه الصفحة هي لأغراض إعلامية فقط ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تظهر كتوصية لشراء أو بيع هذه الأصول. يجب عليك إجراء البحث الشامل الخاص بك قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. لا تضمن FXStreet بأي شكل من الأشكال خلو هذه المعلومات من الأخطاء أو الأخطاء أو البيانات الخاطئة المادية. كما أنه لا يضمن أن تكون هذه المعلومات ذات طبيعة مناسبة. ينطوي الاستثمار في الأسواق المفتوحة على قدر كبير من المخاطر ، بما في ذلك خسارة كل أو جزء من استثمارك ، فضلاً عن الضيق العاطفي. تقع على عاتقك مسؤولية جميع المخاطر والخسائر والتكاليف المرتبطة بالاستثمار ، بما في ذلك الخسارة الكاملة لرأس المال. الآراء والآراء المعبر عنها في هذا المقال هي آراء المؤلفين ولا تعكس بالضرورة السياسة الرسمية أو موقف FXStreet ولا معلنيها.